اسمه بالكامل :
عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الدكالي، لكن لقب المجذوب ظل لصيقا به و قد أطلقه عليه من عاشره من أهل ذاك الزمان لما لمسوه لديه من زهد في الحياة فقد عاش مع نفسه متأملا متصوفا لا يهتم في الدنيا إلا بالوعظ و الإرشاد متنقلا عبر أرجاء البلاد ناشرا للعلم و المعرفة
و قد كان بسيطا في مأكله و مشربه و ملبسه و هو ابن العوائل الأصيلة و النسب الرفيع العالي
ترجع أصوله الى قرية صغيرة تدعى : تيط و توجد قرب مدينة أزمور, في الوسط الغربي من المملكة قرب مدينة الجديدة على الساحل الأطلنتي
تتلمذ بادئا في مدينة فاس عاصمة الأدب و الثقافة بالمغرب على يد كبار المشايخ لينتقل بعد ذلك إلى مدينة مكناس احدى اجمل الحواضر في عهد السلطان مولائ إسماعيل و المعروفة بانها كانت جنة من حدائق غناء محفوفة بأشجار الزيتون المميزة مما أكسبها لقب : مكناسة الزيتون
و كانت الى جانب ذلك حاضرة علم و فخامة بقصورها و عمرانها المميز في ذلك الوقت
و أكثر ما عرف بيه سيدي عبد الرحمن المجذوب هو حبه للذكر و العلم و أقامة الدروس و الشعائر الدينية فتأسست على يد مريديه و طلبته زاوية باسمه مفتوحة في وجه عابري السبيل و الفقراء يطعمون فيها و يسقون كما انها تواضب على توجهات و دروس هذا الفقيه الكبير و الحكيم المميز الذي حفظ عنه أتباعه و أهل كل بلاد حل أو ارتحل فيها ما يريه من درر نفيسة تتميز بانها صالحة لزمنه و تصلح لزمننا و كل الأزمنة التي أعقبته أيضا
و لعل أجمل ما ميز أبيات و منظومات سيدي عبد الرحمن المجذوب هي البساطة في اختيار الكلمة و الصورة التعبيرية و التشبيهية و نظمها في شكل ملحن منسق يسهل على سامعها ترديدها و حفظها و لعل هذا ما ساهم في الحفاظ على هذا الموروث الشيق من منظومات سيدي عبد الرحمن المجذوب
بالاضافة إلى ما تحمله هذه الأشعار و القصائد من معاني و حقائق و حكم يفهمها أهل الذوق و يعي مغزاها أهل الذوق و العارفون
لكن سيدي عبد الرحمن المجذوب كان له معزى خاص في حياته البسيطة كزاهد متجول لا يستقر به المقام في بقعة معينة انما توخى نشر العلم و المعرفة و الحكمة في كل المناطق التي وطأها من أرض المغرب
لكن و لما أحس بدنو أجله طلب من أتباعه أن يرجع إلى مكناس ليدفن فيها كآخر وصية له لكن المنية عاجلته و هو على أبواب المدينة بين ورغة و وادي سبو فدفن خارج مدينة مكناس بجوار ضريح المولى اسماعيل سنة 976 هـ و لا يزال ضريحه مفتوحا الى يومنا هذا مع مواضبة مريده و أتباعه على احياء ليالي الذكر و المديح و السماع هناك
رحل إذن منذ آلاف السنين تاركا وراءه تراثا مرويا من تجارب الحياة و المعاملات شكل ثروة من العظات في حوادث الزمن
من أجمل ما قال عن نفسه و هو الزاهد الرحالة الذي لم يعبء يوما بمظهره و هو نسليل الاسر العريقة الراقية قوله
شافوني أكحَلْ معلَّف
يحسبو ما فيَّ ذخيرة
وأنا كالكتاب المؤلَّف
فيه منافع كثيرة
و عن الحكمة و العلم يقول
كْسبْت في الدهر معزة
وجبْت كلام رباعي
ماذا من أعطاه ربّي
ويقول أعطاني ذراعي
على أن أكثر ما عرف عن سيدي عبد الرحمن المجذوب أنه لم يكن مجاملا و لا متسلقا لا لحاكم و لا لاي انسان عادي
بل يقول ما يحسه و يراه في قالب شعري شعبي مميز يحفظه عنه كل من سمعه
عيّطتْ عيطة حْنينة
فيّقتْ من كان نايم
ناضوا قلوبْ المحنة
ورقدو قلوبْ البهايم
و كان رحمه الله ناقدا لاذعا للحكام و لا يخشى في قول الحق لومة لائم و من ذلك قوله
تخلطتْ ولا بغات تصفى
ولعبْ خزْها فوقْ ماها
رياس على غيرْ مْرتبة
هما أسبابْ خْلاها
في كل زمان و مكان كان و لا يزال الخير و الشر وجهان لعملة واحدة
و ممما قاله المجذوب في هذا الباب نذكر
فاعل الخيرْ هنّيه
بالفرح والشكر ديمة
وفاعل الشرْ خلّيه
فعْله يرجع له غريمة
و كعادة الحكماء و المتصوفة كان للصمت قيمة كبرى تساهم في تأمل مختلف مناحي الحياة و تجلب السكينة للنفس
و في ذلك يقول بنزعة مازحة جميلة
كل دوايْ مسّوسْ
يجيب لهليكة لراسُه
ويستهلْ ضربَة بموسْ
حتى يبانو أضراسُه
و لم ينسى في الموعظة حث الناس على العمل و درء الكسل و الخمول بحجج فارغة كقساوة البرد شتاءا و حرارة الجو صيفا قائلا
الشر ما يظلم حدْ
غيرْ مَن جَبذُه لراسُــه
في الشتاء يقول البرد
وفي الصيف يغلبه نعاسه
و عن الغنى و الفقر نجده يقول
ضْربتْ كفي لكفي
وخممتْ في الأرض ساعة
صبْت قلة الشي ترشي
وتْنوَّض من الجماعة
الشاشية تطْيَع الراس
الوجه تضويه الحسانة
المكْسِِِِي يقْعُد مع الناس
العريان نوضوه من حدانا
ا
لم ينس الوقت و اهميته في الحياة و انها مجموعة فرص ينبغي عدم اغفالها لانها لا تأتي تباعا فقال بهاذا الخصوص
حطّيتْها تبردْ
جاء من لقَّفها سْخونة
هذا دْوَا من يبرّد
خيرْ المْوَاكَلْ سْخونة
و عن الذكاء في التعامل مع الحياة و استقراء الأمور يقول
الشَّواف يشوف من قاع القصعة
والغربال تْشوفْ منه قاعْ الناسْ
والكيَّسْ يعفسْ على راسْ الَّلفعة
والعوَّامْ يْعومْ بحر لا يقاسْ
جال في ربوع البلاد و شاهد و سمع من امور الحياة فقال في حق الزمن كلاما رصينا
يَا ذَا الزمانْ يا الغدَّار
يا كاسرْني من ذراعي
طيَّحتي من كان سلطان
وركَّبتي من كان راعي
و لم ينس المرأة فأفرد لها تارة كلاما طيبا و تارة كلاما قاسيا و من جملة ما قال نذكر
وحدة رخيسة بماية ألف
وحدة غالية بجلد قعودْ
وحده تْجيبْ الخيرْ مْعاها
وحدة تطرده بعمودْ
كيدْ النساءْ كيدِين
ومَنْ كيدهم يا حْزوني
راكبة على ظهر السبع
وتقول الحذاء ياكولني
سوق النسا سوق مطيار
يا الداخل له رد بالك
يوريوك من الود قنطار
و يديو ليك راس مالك
الاشعار و الحكم° °
[img][/img]
الإثنين ديسمبر 04, 2017 11:21 am من طرف حيدارليلاه
» كلــمـــة الأخــــوة
الثلاثاء يناير 13, 2015 6:50 pm من طرف kadi1988
» من أحسن ما قرأ لساني و أستوعبه قلبي
الخميس فبراير 27, 2014 12:00 pm من طرف kadi1988
» برنامج Firefox 3.5.6 الأسرع والافضل واكثر امان
الإثنين أكتوبر 14, 2013 8:16 pm من طرف daho
» كتاب Principes d'anatomie et de physiologie
الأربعاء سبتمبر 25, 2013 7:36 pm من طرف kadi1988
» حقوق الانسان
السبت يونيو 01, 2013 5:53 pm من طرف kadi1988
» حتى لا تتشتت الأسرة
السبت يونيو 01, 2013 5:51 pm من طرف kadi1988
» الكابتشينو
السبت يونيو 01, 2013 5:50 pm من طرف kadi1988
» حياتنا فى عيون حكيم
الجمعة مايو 03, 2013 8:39 pm من طرف kadi1988
» كتاب المناهي اللفظية
الجمعة مايو 03, 2013 8:37 pm من طرف kadi1988
» هل تعلم ان صورة نجمــة اسرائيل بجهازك .......
الجمعة مايو 03, 2013 8:36 pm من طرف kadi1988
» دق الباب بيدك ..
الجمعة مايو 03, 2013 8:33 pm من طرف kadi1988